السبت 27 ابريل

اقتصاد

بين مؤيد ومتخوف.. خبراء الاقتصاد: الشهادات الدولارية ذات العائد المرتفع أداة فعالة لجذب الدولار ولكنها عالية التكلفة


الدولار

اختلفت آراء الخبراء حول طرح البنوك لشهادات دولارية بسعر فائدة يصل إلى 10% سنويًا للأجانب والمصريين العاملين في الخارج بين داعم للفكرة ومتخوف منها ، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أنها فكرة جيدة وأداة مطلوبة ستساهم في زيادة الحصيلة الدولارية نظرًا لمعدل العائد المجزي، يعتقد البعض الآخر أنها لن تكون جاذبة ولن تحقق الأرقام المرجوة منها، نظرًا لأنها مجرد إضافة إلى الأدوات الأخرى المتاحة ولن تجلب حصيلة دولارية كبيرة بمفردها

وكانت تداولت بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنباءً عن طرح البنك الأهلي لشهادة ادخار جديدة بالدولار بفائدة مرتفعة تصل إلى 10% لمدة 3 سنوات، وتتضمن الشهادة عدة شروط، مثل عدم استرداد قيمتها قبل مضي 6 أشهر على الأقل من تاريخ الشراء، على أن يتم إعادة احتساب العائد وفقًا لأسعار الاسترداد التالى أكثر من 6 شهور وحتى أقل من سنتين 7%، وبين سنتين و3 سنوات 8%.

ورأي بعض الخبراء أن إصدار شهادات دولارية بفائدة مرتفعة يمكن أن يكون جاذبًا للمصريين بالخارج ويعمل على تحجيم نشاط السوق السوداء، من جهة أخرى، يعتقد البعض أن إصدار الشهادات الدولارية بفائدة مرتفعة يمكن أن يكون فكرة جيدة وكان يجب أن تكون متاحة مسبقًا بغض النظر عن العملة المستخدمة. يرون أن هذا الإجراء.

ومن الجانب المؤيد ، رأي مدحت نافع، الخبير الاقتصادي ، أن طرح الشهادات الدولارية بعائد مرتفع هو أداة مطلوبة يجب أن تكون متاحة للمستثمرين سواء كان العائد سيدفع بالدولار أو الجنيه المصري. مشيراً إلى أن هذا الطرح سيؤدي إلى زيادة الحصيلة الدولارية بسبب العائد المجزي.

وأشر نافع ، إلى أن الهدف من تقييد هذه الشهادات للأجانب والمصريين المقيمين في الخارج هو أنهم مصدر للدولارات. ويهدف القرار أيضًا إلى منع التدفق الزائد للدولارات. ومنح الفرصة للمصريين المقيمين في البلاد للاستثمار في هذه الشهادات قد يشجعهم على تحويل جزء من أموالهم من الجنيهات ذات العائد المنخفض إلى الدولارات.

وركز نافع على أهمية زيادة الحصيلة الدولارية لمصر، ويعتقد أن طرح الشهادات الدولارية بعائد مجز يمكن أن يكون أداة فعالة في تحقيق ذلك. 

ويتفق معه محمد محمود، الباحث الاقتصادي، في أن فكرة إصدار شهادات دولارية هي فكرة جيدة وطال انتظارها وتأخرت كثيرًا. مشيراً إلى أن وجود سيولة نقدية دولارية في القطاع المصرفي يعمل على تقليل نشاط السوق السوداء.

وأضاف أن إصدار شهادات دولارية جديدة بفائدة مرتفعة يمكن أن يكون جاذبًا للمصريين المقيمين في الخارج الذين يفضلون ادخار الدولار، سواء بشكل فردي أو في حسابات خارج مصر، أو عن طريق السوق السوداء في مصر للاستفادة من فرق السعر الرسمي والسوق السوداء.

وكانت تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 23% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، وهذا يشير إلى ضرورة جذب تحويلات المصريين بالخارج من خلال الطرق الرسمية وتشجيعهم على الاستثمار في الشهادات الدولارية بعائد مجز بدلاً من التداول في السوق السوداء.

على الجانب الأخر، ترى سارة سعادة، محللة الاقتصاد الكلي في "سي آي كابيتال"، إلى أن فكرة طرح شهادات دولارية بسعر فائدة مرتفعة تهدف إلى جذب تحويلات المصريين بالخارج التي انخفضت في الفترة الماضية، وتشجيعهم على دخول السوق الرسمية بعائد مجزٍ بدلاً من التداول في السوق السوداء.

وتوضح سعادة أن هذه الشهادات تعتبر أداة إضافية تساهم في توفير الدولار، ولكنها بمفردها لن تحقق الحصيلة الدولارية المطلوبة ولن تجذب حجمًا كبيرًا من الدولارات. مشددة على أنه لتوفير حصيلة دولارية جيدة لمصر، يجب تسريع الطروحات الحكومية وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية.

وأكد مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، أن طرح شهادات دولارية بعائد مرتفع يصل إلى 10%، يهدف إلى جذب الدولارات من الأجانب والمصريين بالخارج، ومن السوق السوداء بهدف زيادة الحصيلة الدولارية في البنوك. لافتاً إلى أن هذه الشهادات قد لا تكون جاذبة بما يكفي ولن تحقق الأهداف المرجوة، خاصةً مقارنة بعائد السوق السوداء.

ونوه شفيع ، إلى أن إتاحة سعر فائدة مرتفع على الشهادات بالدولار يزيد تكلفتها على البنوك، ويشكل تحديًا في توفير العائد بشكل شهري أو سنوي بالدولار وإعادة رأس المال بعد انتهاء فترة الاستثمار لمدة 3 سنوات. موضحاً أن ذلك قد يثير تخوف المصريين المقيمين بالخارج من عدم قدرة البنوك على توفير العائد بالدولار في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.

وأوضح شفيع، أن هذه الشهادات ستكون مكلفة جدًا وستحمل الحكومة بأعباء لا تحتملها، ولن تحقق النتائج المطلوبة، مؤكداً على أنه لتقضي على السوق السوداء، يجب أن يتم توفير عائد يتفوق على العائد المتوقع من التداول في السوق السوداء. لافتاً إلى  أن الاعتماد على مصادر نقد أجنبي غير مستدامة يؤدي إلى أزمات داخلية في حالة حدوث اضطرابات عالمية.

ويشار إلى أن العائد على الشهادات الدولارية في الوقت الحالي يتراوح بين 5.30% سنويًا و5.15% شهريًا، وتتطلب حد أدنى للاستثمار 100 دولار ومضاعفتها في بنك مصر، وحد أدنى 500 دولار ومضاعفتها في البنك الأهلي.

وفي النهاية يتفق الفريقان على  أن إصدار الشهادات الدولارية قد تكون خطوة إيجابية لتعزيز السيولة النقدية بالعملة الأجنبية في القطاع المصرفي وتقليل الاعتماد على السوق السوداء. ومع ذلك، يجب أن تتخذ الحكومة خطوات أخرى لزيادة الحصيلة الدولارية لتلبية احتياجات الاقتصاد المصري بشكل مستدام.