الخميس 18 ابريل

اقتصاد

السياسة النقدية الإنكماشية تهوي بنسب توظيف القروض إلى الودائع 22% خلال 20 عاماً


البنك المركزي المصري

أدت السياسة النقدية الانكماشية التى اتبعها البنك المركزي المصري في السنوات الأخيرة إلى زيادة الفجوة بين القروض والودائع فى القطاع المصرفى والتى تبدأ من عام 2003 حتى 2022، وما تلاها من رفع متوالٍ لمعدلات الفائدة ناهيك عن التخوف من تعثر العملاء.

واتخذت نسب توظيف القروض للودائع منحنى منحدر منذ منتصف عام 2003، إذ سجلت هذه النسبة وقتذاك نحو %70.6 وكانت الودائع نحو 405.157 مليار جنيه مقابل 284.721 مليار للقروض، فيما انخفضت نسبة توظيف القروض إلى الودائع خلال يونيو 2022 نحو %48.5 مقارنة بحوالي %50.7 خلال الفترة نفسها من العام السابق.

ويتم تعريف «نسبة التوظيف» على إنها مقدار ما لدى البنوك من ودائع مقارنة بما تمنحه من قروض وتسهيلات ائتمانية، وكلما ارتفعت هذه النسبة دل ذلك على قيام البنوك بالدور المنوط بها، وهو توظيف أموال المودعين فى هيئة قروض تدر عليها عوائد وأرباحًا.

وبذلك يكون قد هبط معدل توظيف القروض إلى الودائع من %70.6 خلال يونيو 2003، إلى %48.5 خلال يونيو 2022، لتسجل الودائع 405.187 مليار جنيه خلال يونيو 2022، فى حين بلغ حجم القروض 284.721 مليار خلال الفترة ذاتها.

ورجح محمد بدرة ، الخبير المصرفى أن تكون قفزة حجم الودائع مقابل القروض وقعت نتيجة لانخفاض نسب الإقراض خلال الفترة الأخيرة

وحسب تقرير المركز المالى الصادر عن «البنك المركزي»، سجلت محفظة القروض بالبنوك بخلاف البنك المركزى نحو 3.888 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر 2022 مقارنة بـ 3.824 تريليون بنهاية أكتوبر 2021، فيما وصل إجمالى حجم ودائع القطاع المصرفى بخلاف البنك المركزى إلى 8.562 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2022 

وألمح «بدرة» إلى أن البنوك طرف خدمى فى نهاية المطاف وبالتالى فمتى ما توافرت الحاجة لمنح الائتمان فإنها لن تتوانى عن القيام بدورها المنوط بها وهو تقديم الأموال للجهات والمؤسسات المخولة بالحصول على هذا الدعم.

من جانبه قال  محمد البيه الخبير المصرفى فيرى، أن السياسة النقدية الانكماشية تلعب دورًا فاعلًا فى تراجع معدلات توظيف القروض للودائع، موضحًا أن السياسة التشددية تؤدى مباشرة إلى أمرين: تعظيم حجم الودائع وفى المقابل تحجيم الاقتراض.

وأوضح «البيه» إلى أن هناك أيضًا بخلاف السياسة النقدية الانكماشية جملة من المخاطر التى دفعت البنوك إلى التحوط أكثر عند الإقراض، منها على سبيل المثال ظروف السوق العالمية والتقلبات الاقتصادية التى يشهدها العالم أجمع.

وأشار إلى أن هذه العوامل تدفع البنوك إلى التخوف من تعثر العملاء ومن ثم تصبح أكثر تحوطًا عند اتخاذ قرار منح الائتمان.

ويذكر أن البنك  المركزي بدأ عام 2023 بالإبقاء على معدلات الفائدة عند مستويات %16.25 و %17.25 و %16.75 على الترتيب، بالإضافة إلى الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند مستوى %16.75، خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية في 2 فبراير الماضي. 

جاء  هذا بعد دورة تشديد نقدية خاضها المركزي في العام الماضي، حيث تم رفع معدلات الفائدة بمقدار 8% ، بما في ذلك زيادة بنسبة 1% في اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية في 21 مارس الماضي، وزيادة أخرى بنسبة 2%  في مايو لمواجهة التأثيرات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الأوضاع الاقتصادية العالمية.

 وفي اجتماع استثنائي آخر في 27 أكتوبر الماضي، قررت لجنة السياسة النقدية رفع معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بمقدار 200 نقطة أساس ليصل إلى %13.25 و %14.25 و %13.75 على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بمقدار 200 نقطة أساس إلى %13.75. 

واختتم المركزي عام 2022 برفع معدلات الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بمقدار 300 نقطة أساس ليصل إلى %16.25 و %17.25 و %16.75 على الترتيب، وتم رفع الائتمان والخصم بمقدار 300 نقطة أساس إلى %16.75.

ودفع التشديد النقدى إلى تخوف البنوك من تعثر العملاء إذ سجلت النسب 3.4% بنهاية ديسمبر الماضي، مقابل %3.2 بنهاية سبتمبر 2022، بيد أن ذلك لم ينعكس على معدلات توظيف القروض للودائع إذ ظلت ثابتة عند حدود %47.9 خلال شهرى سبتمبر وديسمبر الماضيين.

والجدير بالذكر أن  الـ 20 سنة الأخيرة شهدت مسلسل من الانخفاضات فى معدلات توظيف القروض للودائع بنسبة كبيرة إذ سجلت أعلى مستوى لها خلال يونيو 2003 لتصل إلى نحو %70.6 مقابل %48.5 فى يونيو 2022.

وتراجعت نسب التوظيف منذ 2003، لتنخفض إلى ما دون %60 بقليل حيث سجلت %59.3 خلال يونيو 2005، لتبدأ بعدها دورة تراجع أخرى إذ هوت إلى ما دون %50 خلال 2011 لتسجل %49.5، واستمرت هذه النسب فى التراجع وظلت فى حدود %40 خلال الفترة من يونيو 2011 إلى يونيو 2020، لتشهد بعدها موجة ارتفاع كبرى مسجلة %50.7 خلال يونيو 2021، لتهبط بعدها إلى %48.5 خلال يونيو 2022.

على الجهة الأخرى أكد محمد عبد المنعم الخبير المصرفى ، أن العمل على رفع معدلات الشمول المالي ستسهم فى رفع معدلات التوظيف فى البنوك إذ ستتمكن الأخيرة من الوصول إلى قاعدة أكبر من العملاء؛ وبالتالى يصبح سهلًا تقديم الخدمات المالية والتسهيلات الائتمانية لشرائح أوسع من العملاء.

وكانت حققت معدلات نمو الشمول المالى خلال الفترة من 2022-2016، بحسب بيانات حديثة صادرة عن البنك المركزى المصرى نحو %147 ليصل إجمالى المواطنين الذين لديهم حسابات (فى البنوك أو البريد المصري، أو محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات مسبقة الدفع) إلى 42.3 مليون مواطن بما يعادل 64.8% من الإجمالى (فى الفئة العمرية 16 سنة فأكثر) والبالغ عددهم 65.4 مليون مواطن.

وقفزت أعداد البطاقات مسبقة الدفع إلى43.8 ألف بطاقة لكل 100 ألف مواطن محققة معدل نمو 31% خلال الفترة من 2020 إلى 2022، فيما بلغ عدد محافظ الهاتف المحمول 46.5 ألف محفظة لكل 100 ألف مواطن محققة معدل نمو %54 خلال نفس الفترة. 

وتظهر المؤشرات تطور أعداد نقاط الإتاحة المالية والتى تشمل كل من فروع البنوك، والبريد المصري، ومؤسسات التمويل متناهى الصغر، بالإضافة إلى ماكينات الصراف الآلى ونقاط البيع الإلكترونية، ومقدمى خدمات الدفع لتصل إلى 1214 نقطة لكل 100 ألف مواطن بمعدل نمو %107 خلال الفترة من 2020 إلى 2022.