الخميس 18 ابريل

تقارير

موجات الرفع مستمرة.. توقعات برفع البنوك المركزية سعر الفائدة بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفعها 75 نقطة


اليورو والدولار

تترقب البنوك المركزية العالمية دائما قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي ، والذي قرر امس رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس متمسكاً بسياسة التشديد النقدي التي ينتهحها منذ بداية العام الجاري في محاولة لمحاصرة التضخم الأمريكي الذي سجل 8.3% ويعد الأعلى على مدار الـ4 عقود الماضية.

ودائماً ما يتسبب الرفع الأمريكي للفائدة في موجات تضخمية بالاقتصاد العالمي تدفع البنوك المركزية في مختلف الدول لاتخاذ قرارات مماثلة برفع أسعار الفائدة بشكل مباشر في دولهم عقب إعلان الفيدرالي الأمريكي عن رفع الفائدة ما يجعلها في حالة ترقب دائم.

واجبر التضخم الأمريكي المرتفع البنك الفيدرالي على اتباع سياسة نقدية انكماشية تعتمد على رفع أسعار الفائدة في المقام الأول حيث قرر امس رفع الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بمقدار 75 نقطة أساس لتتراوح بين 3% و3.25%، وهو أعلى معدل منذ ديسمبر 2018.

وخلال الشهر الماضى كان البنك المركزي الأوروبي قد رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس لتصل إلى 1.25 نقطة، في اجتماعه الأخير، وذلك لمواجهة ارتفاعات الأسعار في منطقة اليورو، خاصة في الطاقة والمواد الغذائية أدت إلى رفع معدل التضخم إلى مستوى قياسي مسجلا 9.1% في أغسطس الماضي، ويتوقع الخبراء أن الفائدة إلى 2% قبل نهاية 2022.

كما ايضا رفع بنك انجلترا المركزي الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه الأخير، وتعد هذه الزيادة هى الأكبر منذ عام 1995، والسادسة على التوالي، ليصل معدل الفائدة الرئيسي في بريطانيا إلى 1.75%، وهو أعلى مستوى منذ أواخر عام 2008 في بداية الأزمة المالية العالمية، وذلك لمواجهة التضخم بعدما وصل إلى 9.4%.

بينما خالف البنك المركزي الروسي الاتجاه الصاعد لسعر الفائدة وقرر خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في اجتماعه الأخير، لتصل الفائدة إلى 7.5%، وعلى الرغم من ان التضخم مرتفع مسجلا 14.1% بنهاية سبتمبر إلى أنه تراجع من 14.3% بنهاية أغسطس.

في ذات الوقت  كان المركزي الصيني قد خفض الفائدة على القروض ذات الخمس سنوات بمقدار 15 نقطة أساس، لتصل إلى 4.30%، والقروض لمدة عام بمقدار 5 نقطة أساس لتصل إلى 3.65%، فيما أبقى البنك المركزي الفائدة في اجتماعه الأخير، وجاء ذلك بعد تراجع التضخم إلى 2.5% في أغسطس على أساس سنوي، منخفضا عن قراءة يوليو التي كانت عند 2.7% وأضعف من متوسط التوقعات البالغ 2.8%.

و في اليابان فقد ابقى المركزي الياباني أسعار الفائدة قصيرة الأجل عند سالب 0.1%، وذلك على الرغم من ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي منذ 8 سنوات مسجلا 2.8%، وتراجع الين إلى أدنى قيمة منذ أزمة الأسواق الآسيوية عام 1998، فقد يكون قرار اليابان برفع الفائدة في الفترة المقبلة إحدى الحلول المثلى.


أثر رفع الفائدة الأمريكية على الاقتصاد العالمي


يؤثر رفع الفائدة على الدولار على الاقتصاد العالمي بشكل مباشر، حيث أنه مع كل زيادة في أسعار الفائدة على الدولار ستجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة للعديد من الدول.

وعلى الجانب الآخر قد يؤدى رفع الفائدة بالولايات المتحدة إلى تعزيز معدل الفائدة الحقيقي لديها (والذي يمثل الفرق بين معدل الفائدة السائدة والتضخم ما يوضح النسبة الحقيقية التي يحصل عليها المودع)، فمع رفع الفائدة سيؤدي إلى جذب المستثمرين إلى الاستثمار في أدوات الدين الأمريكية، ما يحفز البنوك المركزية العالمية على رفع أسعار الفائدة لديها لحفاظها على حيز المنافسة في سوق أدوات الدين.

كما أن رفع الفائدة الأمريكي سيعزز من قيمة الدولار عالميا، بينما يتسبب في تراجع الاستثمار والإنفاق في الولايات المتحدة.


حروب سعر الفائدة مازالت مستمر


تتجه معظم البنوك المركزية حول العالم إلى رفع أسعار الفائدة عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة وذلك من أجل الحفاظ على تنافسياتها في سوق أدوات الدين.

ومع استمرار المزاد العالمي لرفع أسعار الفائدة، والتي لم تسطير على التضخم بعد، غافلين عن الآثار السلبية لموجة الرفع، فمع استمرار رفع الفائدة ترتفع سعر الفائدة الحقيقية (والتي تمثل الفرق بين معدل الفائدة السائدة والتضخم ما يوضح النسبة الحقيقية التي يحصل عليها المودع)، وبذلك يصبح الإدخار حافزا لدى الأفراد، وترتفع تكلفة الاقتراض، وفي ظل الاضطرابات الاقتصادية تتراجع رؤوس الأموال عن الاستثمار، وقد يؤدي إلى دخول العالم في مرحلة ركود تضخمي، ما يعني ارتفاع معدلات التضخم يصاحبها تراجع في معدلات النمو الاقتصادي، والذي يؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي وإقامة المشروعات، وارتفاع مستويات البطالة.


العالم يتجه نحو ركود تضخمي


وتعكس الأرقام توجه العالم نحو الركود التضخمي حيث بلغ سعر الفائدة الحقيقي سالب في الولايات المتحدة -3.96% على أساس سنوي في مايو الماضي، بينما وصل في أغسطس إلى -1.74%، بينما تعاني الدول النامية من معدلات فائدة حقيقية موجبة وصلت إلى 3% ما يشير إلى أن الدول النامية ستعاني بشكل أسرع وأشد من الركود التضخمي.


تطور التضخم مقابل أسعار الفائدة في مصر


شهد السوق المصري تراجعاً تدريجياً في معدل التضخم الأساسي خلال عام 2020، والذي أشاد به صندوق النقد الدولي في تقريراً حول نجاح مصر في احتواء التضخم، مؤكداً أن مصر حققت أكبر تراجع سنوي في معدل التضخم عام 2020 مقارنة بعام 2019، بانخفاض بلغ نحو 8.2%.

وكانت قد شهدت معدلات التضخم تراجعاً على الرغم من تفشي فيروس كورونا وظهور أول حالة إصابة بكورونا في مصر في مارس 2020، والذي دفع البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة خلال عام 2020 لدعم الاقتصاد المحلي، ومساندة المشروعات على مواجهة تداعيات الجائحة واستكمال مسيرة العمل والانتاج، لتتراجع أسعار الفائدة 4% خلال 2020 من 12.25% للإيداع و13.25% للإقراض إلى 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض.

بينما شهد النصف الأول من 2021 حالة من استقرار الأوضاع الاقتصادية وارتفاع طفيف في معدلات التضخم، والذي شجع البنك المركزي على الإبقاء على أسعار الفائدة عند 8.25% للإيداع، و9.25% للإقراض.

و شهد النصف الثاني من 2021 ارتفاعاً مستمراً في معدلات التضخم الأساسي، مع إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير مستهدفاً تمويل المشروعات وتعزيز الانتاج المحلي.

ومنذ بداية عام 2022 شهد التضخم ارتفاعا مستمرا ليرتفع التضخم الأساسي من 5.96% في ديسمبر الماضي، إلى 16.65% بنهاية أغسطس الماضي، وذلك ما دفع البنك المركزي المصري من رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس لتصل إلى 9.25% للايداع و10.25% للاقراض.

ومع الزيادة المستمرة لمعدلات التضخم قرر المركزي رفع الفائدة مرة أخرة بمقدار 200 نقطة أساس، لترتفع إلى 11.25% للايداع، و12.25% للاقراض.

وفي ظل الارتفاع المستمر للتضخم العالمي والمحلي، واعتماد مصر على الاستيراد من الخارج بحوالي 60 مليار دولار سنوياً، بنسبة 60% من الخامات ومستلزمات الإنتاج والسلع الإستراتيجية اللازمة للعملية الإنتاجية الصناعية في مصر، والتي يصاحبها استيراد للتضخم العالمي، تتباين أراء المحللين وبنوك الاستثمار حول قرار البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر انعقاده غدا الموافق 22 سبتمبر، ما بين تثبيت أو تحريك أسعار الفائدة للمرة الثالثة خلال العام الجاري.

وعلى الرغم من اتباع المركزي المصري سياسة انكامشية لكبح جماح التضخم إلا أن معدلات نمو الاقراض مازالت إيجابية لترتفع القروض بقيمة 458.04 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، بمعدل نمو 15.11%، لترتفع من 3.03 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر الماضي، لتصل إلى 3.49 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي.

كما أطلق البنك المركزي العديد من المبادرات بأسعار فوائد منخفضة لدعم العديد من الأنشطة الاقتصادية مثل الصناعة والسياحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ومن جانبها توقعت رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة، قيام البنك المركزي بتثبت أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية غدا.

وتوقعت شركة زيلا كابيتال للاستثمار، تثبيت البنك المركزي أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية غدا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن هناك توقعات أيضا بالسوق برفع  سعر الفائدة 1%.

على العكس توقعت بحوث بنك الاستثمار هيرميس رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 100 نقطة أساس (1%) خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل والمقرر عقده يوم 22 سبتمبر الجاري.

كذلك أصدرت إدارة البحوث بشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار توقعاتها بشأن قرار لجنة السياسات النقدية المحتمل في ضوء الوضع الراهن لمصر، حيث توقعت أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة 100 نقطة اساس في اجتماعه المقبل و100 نقطة أساس أخرى في اجتماعه التالي.