السبت 18 مايو

اقتصاد

مدبولي يضع النقاط على الحروف بشأن "وثيقة سياسة ملكية الدولة":


وثيقة سياسة ملكية الدولة

وضع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء النقاط فوق الحروف بشأن وثيقة سياسة ملكية الدولة التي أعلنت عنها الحكومة مؤخرا.

نستهدف الحكومة رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص من 30% إلى 65% من إجمالي الاستثمارات العامة 

الظروف غير الاستثنائية التي مرت بها مصر منذ 2011 أجبرت الدولة على التدخل لإعادة دورة الاقتصاد 

جاء ذلك خلال تدشينه حوار الخبراء الموسع حول هذا الموضوع الحيوي، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، وممثلين عن مجلسي النواب والشيوخ، وخبراء اقتصاديين ومتخصصين، فضلا عن مسئولين من القطاع الخاص، والمجتمع الأكاديمي، واتحاد الصناعات المصرية، والاتحاد العام للغرف التجارية.

ووصف مدبولي "وثيقة سياسة ملكية الدولة" بأنها مهمة جدا، وتعبر عن مرحلة جديدة تدخلها الدولة المصرية في تحديد رؤيتها للاقتصاد، ولشكل تواجدها في الاقتصاد خلال المرحلة المقبلة.

وأوضح أولا أن من دوافع إصدار الوثيقة وهذا التوجه بصفة عامة هو الاستجابة لمطالبات العديد من الخبراء خلال الفترة الماضية بضرورة تحديد شكل تواجد الدولة في الاقتصاد الوطني بوضوح شديد، حيث ستحدد الوثيقة سياسة الدولة تجاه الأصول المملوكة لها، ومنطق تواجدها في النشاط الاقتصادي خلال المرحلة القادمة.

وأكد أن تعزيز دور القطاع الخاص سيشغل حيزا كبيرا من هذه الرؤية الجديدة للدولة المصرية، وذلك من خلال العودة إلى قيادة مختلف الأنشطة الاقتصادية في البلاد.

وأضاف أن الوثيقة التي بدأ العمل في إعدادها منذ نوفمبر الماضي، يفترض أن تعبر عن رؤية مستقبلية مدتها خمس سنوات على الأقل، حيث يتم فيها تحديد الأنشطة التي يتعين على الدولة التواجد فيها، والأنشطة الأخرى التي يمكن أن تبدأ في التخارج منها، لإفساح المجال أكثر أمام القطاع الخاص.

وكشف مدبولي عن أنه تم الاسترشاد بتجارب عدد من الدول في هذا الصدد، من التي سبقتنا في إصدار مثل هذه الوثيقة، واستشهد تحديدا بالصين وإندونيسيا اللتين أصدرتا الوثيقة في 2020، والهند التي أصدرتها في 2021.

وأشار إلى أنه كان من غير المنطقي بعد أن شهدت مصر ثورتين في 2011 و2013، وأزمات متعاقبة، فضلا عن تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، اللجوء للقطاع الخاص لتحمل عبء دفع عجلة الاقتصاد وإعادة بناء الدولة وتوفير فرص العمل، ولذلك، تحملت الدولة العبء بمفردها طوال تلك الفترة، مشيرا إلى أن الدولة كانت تدرك طيلة هذه السنوات أنها تمر بفترة مؤقتة أو استثنائية، حيث لم يعد منطقيا أن تقود الدول النشاط الاقتصادي بمفردها.

وأشار إلى أن الظروف غير الاستثنائية التي مرت بها مصر أجبرت الدولة على التدخل، والعمل على إعادة دورة الاقتصاد المصري، وتطوير البنية الأساسية، وجذب الاستثمارات، ولكن مع مرور الوقت، أصبحت لدينا الآن محفظة أصول كبيرة للغاية مملوكة للدولة، وموزعة على كل القطاعات، موضحا أن حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر عبارة عن أصول تملكها الدولة، بالمقارنة بمتوسطات دول أخرى في أمريكا اللاتينية تتراجع فيها هذه النسبة إلى 12% فقط، بينما في الاتحاد الأوروبي لا تزيد النسبة عن 30%.

وتابع مدبولي في شرحه للصورة المتكاملة لتواجد الدولة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية، قائلا إن الحكومة تستهدف رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص من 30% حالياً، لتصبح 65% من إجمالي الاستثمارات العامة المنفذة خلال السنوات الثلاث المقبلة، بما يسهم في دفع معدلات النمو الاقتصادي لتتخطي 7%، وذلك على الرغم من الصعوبات والتحديات التي يواجهها العالم كله.

وأكد أن الدولة ليس أمامها بديل آخر للتحرك في هذا الموضوع، على الرغم مما نواجهه من تحديات وزيادة سكانية مضطردة.

وأوضح أن منهجية تحديد الأصول المملوكة للدولة اعتمدت على ستة معايير، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه كان هناك فريقان يعملان بالتوازي على تحديد تلك الأصول، الأول داخل وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والفريق الثاني داخل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ويضم مجموعة من الخبراء الاقتصاديين، وكذلك المتخصصون في عدد من الجهات والأجهزة الحكومية، وخرج الفريقان بنفس المعايير الخاصة باختيار الأنشطة والقطاعات الاقتصادية التي تتخارج منها الدولة أو تستمر فيها، واشتملت على مدى ارتباط السلعة أو خدمة أو النشاط بالأمن القومي، وكذا ما يتعلق بالأنشطة الانتاجية غير الجاذبة للقطاع الخاص للاستثمار فيها بسبب طبيعة النشاط،

ووفقا لرئيس الوزراء، فقد تضمنت المعايير تخارج الدولة من الصناعات الاستهلاكية، والدخول كمنظم وممول وداعم للصناعات المستقبلية التكنولوجية ذات الصلة بالثورة الصناعية الرابعة لتوطينها في مصر، وذلك لعدم توافر متخصصين في تلك الصناعات من القطاع الخاص، ولذا سعت الدولة إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لهذه الصناعات؛ من أجل تشجيع القطاع الخاص للدخول في هذا المجال.

وحول أشكال التخارج، أوضح رئيس الوزراء أنه تم وضع صورة متكاملة لتواجد الدولة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة، بحيث سيكون هناك قطاعات ستتخارج منها الدولة بشكل كامل، وقطاعات سيتم إبقاء تواجد الدولة فيها مع تثبيت أو تخفيض الاستثمارات الحكومية، وقطاعات أخرى سيتم البقاء فيها مع رفع الاستثمارات الحكومية بها، بحكم أن القطاع الخاص غير موجود في هذه القطاعات.

وقال إنه تم أيضا وضع مجموعة من الآليات لتخارج الدولة من النشاط الاقتصادي سواء كلياً أو جزئياً، مشيرا إلى أنه يوجد هناك 7 آليات للتخارج، تتضمن البيع كلياً أو جزئياً، من خلال دخول مستثمرين استراتيجيين، أو طرح نسبة من هذه الشركات والأصول في البورصة للمصريين، توسيعاً لقاعدة الملكية من خلال آليات محددة.

وأضاف رئيس الوزراء أن آليات التخارج تتضمن أيضاَ احتفاظ الدولة بالأصل المملوك لها، مع إعطاء حق الإدارة والتشغيل بالكامل للقطاع الخاص، وإمكانية دخول القطاع الخاص بجزء من التمويل فى حالة زيادة رأس المال لإقامة توسعات للمشروعات.

وأكد أنه ستكون هناك ثلاثة أبعاد رئيسية ستتم مراعاتها عند القيام بعمليات التخارج، هي: أن يتم التخارج بصورة تدريجية وعلى مراحل، مع مراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية لبعض الأنشطة الاقتصادية، حيث أن هناك بعض الأنشطة الواجب على الدولة التواجد فيها ولو بصورة جزئية، وتحديد منهجية التعامل بعد التخارج، لتجنب التداعيات غير المواتية، ومنها ما يتعلق بالعمالة، والإيرادات وغيرها من الأمور، وأخيرا الاسترشاد بالمعايير والمبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية فى الأصول التي سيتم الإبقاء عليها.

وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم أيضاُ عقد عدد من ورش العمل، خلال الشهرين القادمين، ستضم الخبراء والمختصين في هذا المجال، كما سيتم إطلاق تطبيق للهاتف المحمول باسم "شارك: وثيقة سياسة ملكية الدولة"، لكي يتمكن المواطنون من الدخول والمشاركة في الحوار. 

وتعليقا على ما ذكره رئيس الوزراء، قال أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية والكلية إن تخارج الدولة من قطاعات ليس شرطا أن يكون عبر الطرح في البورصة .

وأكد في تصريحات تليفزيونية ردا على مناقشات وثيقة ملكية الدولة التي تتحدث عن التخارج خلال 3 سنوات أن الوثيقة طموحة، لكنه أوضح أن التخارج لا يعني فقط نقل الملكبة عبر البورصة، ولكن قد يكون عبر شراكة أو عقد إيجار أو عبر مستثمر استراتيجي.

وتوقع أن تكون الصناعات الهندسية من أهم القطاعات التي يمكن أن تتخارج منها الدولة، طبقا لوثيقة الملكية، حيث رجح أن تشهد تخارجا بنسبة 77%، تليها الصناعات المعدنية بنسبة 40%، والكيميائية 56%، والنسيجية 90%، والنقل 42%.

وأوضح أن معايير تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية طبقاً لوثيقة ملكية الدولة يعتمد على معايير دولية وضعت في هذا الشأن، وهو ما يتحدد بناء على معرفة ما إذا كان هذا القطاع استراتيجيا أم لا، وما إذا كان القطاع الخاص مستعدا للدخول في هذا القطاع من عدمه.

وكشف كجوك النقاب عن أن العمل على وثيقة ملكية الدولة استغرق قرابة سبعة أشهر، حيث تم الاطلاع على 30 تجربة قديمة وحديثة في آخر 3 سنوات.