الجمعة 03 مايو

تعدين وطاقة

رهانات كبيرة على عقود النفط الآجلة أملا في صعود الأسعار


اضطراب سوق النفط نتيجة للأزمة الراهنة بالشرق الأوسط

بلغت أسعار عقود النفط الآجلة يوم الجمعة الماضي، أي قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل، مستويات لم تصل إليها في أي مرحلة من تعاملات الأسبوع الحالي.

فعلى الرغم من أن الأسعار قفزت مجدداً يوم أمس الأول بعد التقارير التي تفيد بأن إسرائيل ردّت على هجوم إيران، إلا أن أسعار العقود الآجلة قلصت صعودها في نهاية المطاف لتغلق دون تغيير يُذكر. تعد هذه علامة على أن التجار -في الوقت الحالي على الأقل- يراهنون على أن التوترات الإقليمية لن تتحول إلى صراع يدمر إمدادات النفط العالمية قريباً.

إلا أن ذلك يمثل جانباً واحداً فقط من القصة. على مدار اليوم، تشهد الأسعار قدراً من أكبر التقلبات منذ أشهر، وفي سوق الخيارات، دأب المضاربون على اقتناص العقود بوتيرة قياسية للاستفادة من أي ارتفاع في أسعار العقود الآجلة.

يرسم كل هذا صورة لسوق نفط أصبحت أكثر تفاؤلاً بشأن الاضطرابات على المدى القصير، ولكنها أيضاً صورة قد تتغير بين لحظة وأخرى.

قال جورجي ليون، المحلل لدى شركة "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy) الاستشارية: "في حين أنه من الصعب تقييم ما إذا كانت هذه مرحلة مؤقتة، أم بداية تصعيد جديد في الصراع بين إيران وإسرائيل، فإن رد الفعل الأوّلي في السوق يشير إلى أن السيناريو الأول هو الأرجح".

حتى مع استقرار أسعار مزيج برنت بين 85 و90 دولاراً للبرميل، بدأت المخاطر التي يتعرض لها الخام تجذب الاهتمام العالمي. حذر مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي يوم الجمعة من احتمال حدوث صدمة نفطية حادة.

والآن تشهد سوق الخيارات إقبالاً من جانب المتداولين، حيث يمكن شراء التأمين بسعر رخيص نسبياً للحماية من ارتفاع الأسعار، بل ويمكن أن يحقق عائدات مجزية.

ارتفع تداول عقود الشراء المراهنة على صعود سعر مزيج برنت إلى مستوى قياسي خلال الأسبوع الجاري. لا تزال مثل هذه العقود تحتفظ بعلاوة كبيرة على رهانات البيع المراهنة على هبوط الأسعار، على الرغم من تقلصها في الأيام الأخيرة. تمثل هذه علامة على وجود سوق يحرص فيها المتداولون على تأمين أنفسهم ضد صعود الأسعار.

بلغ إجمالي عقود الشراء الصعودية على مزيج برنت لدي المتداولين أعلى مستوياته منذ عام 2020، وهناك عدد أكبر من عقود الشراء بسعر تنفيذ يبلغ 110 دولارات على مدى الـ12 شهراً القادمة بشكل يفوق أي عقد آخر. حتى أن هناك عقود شراء بسعر تنفيذ يبلغ 150 دولاراً أو أكثر، وهو مؤشر على أن بعض المشاركين في السوق يراهنون على -أو يحمون أنفسهم تحسباً لأي تطور- ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات فلكية تتجاوز الارتفاع الذي أعقب الغزو الروسي لأوكرانيا.

قال ناثان شيتس، كبير الاقتصاديين العالميين في "سيتي غروب"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرج": "تكمن مشكلة التحديات الجيوسياسية في أنه يتعين عليك التفكير ملياً في المخاطر المترتبة على ذلك. تركز الأسواق إلى حد كبير على سؤال رئيسي; ما آثار ذلك على إمدادات النفط؟".

حتى قبل تفاقم الأوضاع الجيوسياسية بالشرق الأوسط، كانت أسعار النفط مرتفعة بالفعل في ظل خفض منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها الإمدادات بحوالي مليوني برميل يومياً، في الوقت الذي يرفع فيه المحللون بشكل عام توقعاتهم بشأن الاستهلاك العالمي هذا العام.

لكن بعض جوانب رد الفعل الباهت لسعر النفط هذا الأسبوع تأتي وسط مؤشرات على تراجع الطلب. تراجعت العلاوات على أسعار الوقود مثل الديزل والنافتا، ولم تعد أسعار بعض أنواع الخام في السوق الفعلية قوية كما كانت قبل شهر.

هناك عامل آخر يحجم صعود الأسعار، وهو وجود حجم كبير نسبياً من الطاقة الفائضة، ويرجع ذلك جزئياً إلى تخفيضات "أوبك+". في الأسبوع الماضي، حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن المنظمة قد يكون لديها قريباً واحد من أكبر احتياطيات الإمدادات على الإطلاق مع استمرار توسع الإنتاج من خارج المنظمة. هذا يضع حداً لمدى ارتفاع الأسعار.

تأرجحت أسعار عقدد مزيج برنت الآجلة يوم الجمعة في أكبر نطاق تداول يومي لها منذ نوفمبر، لينهي المتداولون تعاملات الأسبوع دون تغيير يذكر عن بدايته، مترقبين التحركات التالية من قبل إسرائيل وإيران.

قالت غيتا غوبيناث، النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي لتلفزيون "بلومبرغ": "إذا حدث تصعيد خطير -وهو ما يعني تصعيداً إقليمياً أوسع بكثير مما شهدناه حتى الآن- فنعم، يمكن أن نشهد صدمة نفطية حادة. لكننا لم نصل إلى هذا الوضع بعد".